الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية جدل حول المنتفعين بالعفو التشريعي العام: رئاسة الحكومة تطمئن وخبراء يدقون ناقوس "الفزع"

نشر في  18 ماي 2016  (11:16)

تعيش الأوساط السياسية والأمنية والحقوقية خلال هذه الأيام على وقع جدل كبير محوره العفو التشريعي العام الذي تم إصداره بعد 14 جانفي، في ظل تنامي الدعوات المطالبة بضرورة مراجعة هذا القانون أو تنقيحه بما يتماشى والظرف الحالي الذي تعيش على وقعه البلاد خاصة بعد ثبوت تورط عديد من المتمتعين به في أحداث إرهابية علاوة على رواج معطيات خطيرة تفيد أن من بينهم من وقع انتدابهم بالوظيفة العمومية.. ولعل العمليتين الإرهابيتين اللتين جدتا مؤخرا بالمنيهلة وتطاوين سلطتا الانتباه مجددا حول هذا القانون الذي أصبح يثير الفزع في صفوف التونسيين، خاصة بعدما تبيّن انّ اغلب العناصر الإرهابية التي تم إيقافها منذ انطلاق العمليتين متمتعة بالعفو التشريعي العام ومن بينهم من قبض عليهم سابقا في قضايا إرهابية ووقع الإفراج عنهم وفق مصادر أمنية. ونظرا لخطورة الموضوع وعلاقته بمرسوم قانوني أصبح يثير جدلا متزايدا ومتواصلا، ارتأت أخبار الجمهورية طرحه على عدد من الوجوه البارزة علاوة على الاتصال برئاسة الحكومة التي مدتنا بمعطيات هامة حول المنتدبين بالوظيفة العمومية من الذين تمتعوا بالعفو التشريعي فكان التالي...

رئاسة الحكومة على الخط وأرقام ومعطيات..

في البداية وحول ملف المنتدبين بالوظيفة العمومية من الذين تمتعوا بالعفو التشريعي، كانت لنا مداخلة مع محمد أمين بن عاشور كاهية مدير في رئاسة الحكومة الذي أكّد أن ملف العفو التشريعي العام تتم معالجته عبر محاور أساسية تتمثل في الانتداب المباشر وإعادة المسار المهني والخدمات الاجتماعية وتحمل الدولة للمساهمات الاجتماعية بعنوان التقاعد. واعتبر انه بالنسبة للانتداب المباشر هنالك إطار قانوني ينظمه الا وهو القانون عدد 04 لسنة 2012 والمؤرخ في 22 جوان 2012 والمتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي، الذي نص على الانتداب المباشر لفائدة المنتفعين بالعفو العام لفائدة الوظيفة العمومية والمنشآت العمومية. وأضاف محدثنا انّ هذا القانون الذي تم تصنيفه تم على إثره تعيين 7519 منتفعا من بينهم ما يناهز الـ6 آلاف في الوزارات و852 في المنشآت العمومية، لكن الذين باشروا فعليا العمل قدّر عددهم بـ5850 منتفعا منهم 5647 بالوزارات و203 بالمنشآت العمومية. وشدّد محمد أمين بن عاشور على انّه وقع عدم تفعيل انتداب 1346 منتفعا أساسا في المنشآت العمومية وبعض الوزارات لأسباب مختلفة، مشيرا إلى انّه ووفق اعتبار هؤلاء المنتدبين كأعوان دولة فإنّ متابعتهم على مستوى مسارهم المهني تقوم وفق أساليب مدروسة وموضوعية تعنى بها جميع الوزارات من بينها النظر في الملف الإداري الذي يحتوي على البطاقة عدد 3 التي من شأنها الحسم في موضوع الانتدابات بعد السلامة من التتبعات العدلية.

باسل ترجمان: ناقوس الخطر بدأ يدق...

أمّا الخبير في الجماعات الإسلامية والإرهابية والمحلل السياسي باسل ترجمان فقد اعتبر انّ ملف العفو التشريعي العام عاد اليوم ليطرح من جديد في ظل تورّط العشرات من العناصر الذين أوقفوا بتهم إرهابية في الأحداث الارهابية التي شهدتها تونس بعد سقوط نظام بن علي. وقال إنّ الخلط المتعمد الذي وقع ـ من قبل أطراف سياسية ـ بين مساجين القضايا السياسية ومساجين الجماعات الارهابية أثبت بالدليل القاطع أن العفو عن هؤلاء الإرهابيين كان أكبر خطأ وجريمة ارتكبت في حق تونس.. وأضاف قائلا « اليوم هؤلاء الإرهابيون يشاركون بكل قوتهم مع جماعات إرهابية بتونس وليبيا لضرب الأمن والاستقرار والأمر الأخطر هو أن الكثير من الإرهابيين الذين قتلوا أو الذين قبض عليهم منذ عملية بن قردان، إمّا أنهم تمتعوا بعفو تشريعي عام أو أنه تم إلقاء القبض عليهم خلال الفترة القليلة الماضية وأطلق القضاء سراحهم». وتطرّق ترجمان بالحديث عن كتيبة ما يسمى بـ«أبو مريم» الارهابية في الحمامات، قائلا انّ ثبوت انتماء عدد من العناصر الارهابية التي شاركت في عملية المنيهلة إليها يدل على مؤشر خطير جدا ويدق ناقوس الخطر خاصة انّ كل عناصر هذه الكتيبة تمت الإطاحة بهم من قبل وحدات فرقة مكافحة الإرهاب بالقرجاني سابقا ليطلق القضاء سراحهم بعد ذلك.. واعتبر انه لولا الجهود العظيمة لقوات الأمن والحرس الوطنيين في إفشال مخططاتهم في المنيهلة وتطاوين لارتكب هؤلاء جرائم غير مسبوقة قبل أيام من شهر رمضان في العاصمة وضواحيها. وختم باسل ترجمان مداخلته معنا قائلا إنه من المهم اليوم إعادة النظر في مرسوم العفو التشريعي العام واتخاذ إجراءات ضد كل متمتع بهذا المرسوم شارك مع الجماعات الارهابية أو غيرها في أعمال ضدّ الدولة..

بدرة قعلول: الأمن القومي فوق كل الاعتبارات

من جانبها أكّدت رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية بدرة قعلول انّ قانون العفو التشريعي العام يمثل نقطة حرجة جدا بالنسبة للحكومة، كما انّه يمثل نقطة تساؤلات بالنسبة للمتابعين لهذا الموضوع من حيث طريقة العمل به. وقالت انه ومنذ بداية الثورة تمتع ما يقارب الـ1200 شخص بالعفو التشريعي العام من الذين اتهمهم النظام السابق بانتمائهم إلى جماعات إرهابية لكن تم إعطاؤهم بعد الثورة تأشيرة معارضة سياسية أو صكوك التوبة ـ وفق تعبيرها ـ ليتم الإفراج عنهم ولعلّ الإرهابي أبو عياض من أبرز الأمثلة على ذلك علاوة على عناصر مجموعة سليمان الذين تمتعوا بالعفو التشريعي العام وآخرين توجهوا إلى القتال في سوريا وليبيا بعد العفو عنهم.. وشدّدت في ذات السياق بدرة قعلول على ضرورة أن يكون لهذا القانون آليات صحيحة وموضوعية وألا يخضع لأية إملاءات سياسية خاصة وأننا نعيش على وقع ظرف دقيق وحرج للغاية، إلى جانب أن يتم اتخاذ إجراءات حازمة تجاه المجموعات الارهابية التي تم القبض عليها والنظر كيف سيتعامل معها القضاء وفي أي سجون سيتم وضعهم خاصة وانّ هذه العناصر الارهابية تربطها علاقات بجماعات مافيوزية. وختمت القول انه يجب النظر بكثير من الحكمة والموضوعية في هذا الملف ذلك انّ الأمن القومي يوضع فوق كل الاعتبارات..

عصام الدردوري: العفو التشريعي العام ساهم في انتشار الارهاب

بدوره اعتبر النقابي الأمني ورئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري بأن المتابعين للجريمة الارهابية وتطوراتها لا يختلفون في القول ان العفو التشريعي العام يعد من أبرز الأسباب التي ساهمت في انتشار الجريمة الارهابية وتغلغلها في تونس أو حتى على المستوى الإقليمي، وذلك لأنه اتضح بالكاشف بأن أبرز المجموعات الارهابية التي تمتع أغلب عناصرها بالعفو هي ما يعرف بمجموعة سليمان التي شكل أفرادها النواة الأولى للتنظيمات الجهادية الجديدة في تونس. وشدّد على انّ العديد من الأصوات ـ وهو من بينها ـ قد أرهقت وهي تطالب بضرورة النظر في هذه المسألة والتحسيس بخطورتها على أمن البلاد والعباد لكن لم تكن هنالك آذان صاغية رغم انّ انعكاساتها السلبية تعددت.. وحذّر الدردوري من عواقب الخطر الفادح الذي يتمثل في تمتيع عناصر متطرفة ساهمت في إراقة الدماء بهذا العفو التشريعي العام، مشددا على ضرورة عدم الوقوع في ذات الخانة والخطأ بطريقة مختلفة وهي عن طريق مشروع التوبة الذي نادت وتمسكت به عديد من الأطراف .

 ملف من إعداد: منارة تليجاني